في الستينيات من القرن الماضي، زارت الكاتبة الأميركية <هيلين ستانيزي>مدينة القاهرة، وفي مؤتمر صحفي سُئلت عن رأيها في المرأة المصرية، والمرأة الأميركية، فأجابت: <إن المجتمع المسلم مجتمع كامل وسليم وحري بهذا المجتمع أن يتمسك بتقاليده التي تفيد الشباب والشابات في حدود المعقول من القيود التي يفرضها المجتمع المسلم على الفتاة الصغيرة ـ من هي دون العشرين ـ صالحة ونافعة، ولهذا أنصح أن تتمسكوا بها··
امنعوا الاختلاط وقيِّدوا حرية الفتاة، وارجعوا إلى عصر الحجاب فهذا خير لكم··· امنعوا الاختلاط، فقد عانينا منه كثيراً، ولقد أصبح المجتمع الأميركي مجتمعاً معقداً مليئاً بكل صور الإباحية والخلاعة، وضحايا الاختلاط والحرية يملأون السجون والأرصفة والسيارات والبيوت السرية>·
وفي الثامن من شهر مايو الماضي، صدر إعلان نُشر في السجل الفيدرالي <الصحيفة الرسمية الأميركية> وتداولته وسائل الإعلام الأميركية والعالمية المختلفة مفاده أن إدارة الرئيس <جورج بوش> تعتزم التشجيع على العودة إلى مبدأ عدم الاختلاط بين البنين والبنات في المدارس العامة في إطار إصلاح العملية التربوية في المدارس الأميركية·
هذا في أميركا التي تعتبر نفسها سيدة العالم اليوم، أما في بريطانيا فالأصوات الداعية إلى منع الاختلاط باتت مسموعة وخصوصاً بعد الإحصاءات المفزعة التي نشرتها الدوائر الرسمية في شهر مايو الماضي، ومفادها أن المواليد الجدد في انكلترا هم غير شرعيين، وهي المرة الأولى في تاريخ بريطانيا التي يتغلب فيها عدد المواليد غير الشرعيين على نظرائهم الشرعيين منذ بدء تسجيل الولادات في بريطانيا!!·
لقد جاءت الدعوات إلى منع الاختلاط في بلاد الغرب في أعقاب الثمن الباهظ الذي دفعته وتدفعه المجتمعات الغربية جراء هذا الاختلاط، والمتمثل في ارتفاع معدلات الجريمة والقتل والسرقة والاغتصاب، والتفلت من القيم والتقاليد وبشكل بات يهدد الحضارة الغربية المعاصرة، ليقتلعها من جذورها·
لقد عالج الإسلام المسائل التربوية بكثير من الوضوح والاهتمام، وركَّز على بناء الشخصية الإسلامية المتكاملة، وحين منع الاختلاط إنما هدف من وراء ذلك سد الذرائع إلى المحرمات التي قد يفضي إليها هذا الاختلاط، وإنتاج أجيال من أبناء الأمة، قادرة على البذل والعطاء النهوض بأعباء الحياة·
إن النتائج التي توصل إليها المربون والقادة في المجتمعات الغربية إنما هي في صلب مبادئنا وقيمنا منذ أكثر من أربعة عشر قرناً، فلماذا الالتفات إليهم والاقتداء بهم، وهم يعانون ما يعانون من ويلات تجربتهم التربوية الفاشلة·
وصدق الله العظيم: (يأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون) الأنفال:24