شقق «جمال مبارك» لتطوير العجوزة لا يجوز بيعها أو إيجارها أو التنازل عنها
جمال مبارك
سيدة في العقد الرابع من عمرها، لا يظهر من وجهها الذي أخفاه النقاب سوي عينيها، التي حملت تساؤلات عديدة امتزجت بدموعها علي الحال الذي وصلت إليه، خاصة بعد إلقاء القبض عليها وقضائها ليلة كاملة داخل قسم إمبابة وسط خمسة رجال وسيدة مسنة.
شيء واحد يجمعها بهؤلاء الرجال وهو الشكاوي التي حررها أبناء منطقة العجوزة، من عدم حصولهم علي شقق ضمن خطة التطوير التي قامت بها جمعية جيل المستقبل في منطقة العجوزة، عندما قامت الجمعية بإخلاء أكثر من ٢٧ منزلاً، وطلبت من ساكنيها مغادرتها مقابل الحصول علي شقق، ليفاجأ بعض أهالي المنطقة بعدم حصولهم علي شقق ضمن المساكن المتطورة.
فحرروا شكاوي في قسم شرطة العجوزة تثبت وجودهم في المنطقة وأحقيتهم في الحصول عليها، والنتيجة أنه ألقي القبض علي كل مقدمي الشكاوي قبل زيارة جمال مبارك، رئيس مجلس إدارة جمعية جيل المستقبل، للمنطقة الأربعاء الماضي، لتسليم عقود الشقق إلي الأهالي.
تحكي صباح محمود قصتها منذ بداية القبض عليها وحتي إطلاق سراحها قائلة: عندما لم أحصل مع بعض الأهالي علي شقق في المرحلة الأولي من التطوير، ذهبت إلي حي العجوزة وعرضت عليهم ما يثبت أنني أقطن في المنطقة منذ تسع سنوات وولدي عصام (١٩ سنة) وشريف (١٦ سنة)، بعدما طلقني زوجي وباع شقتنا بالقطامية، وذلك حتي لا يكون مصيري هو الشارع، خاصة أن بيتي سيدخل التطوير في المرحلة الثالثة، والتي سيذهب ضحيته ٤٠ منزلاً.
وتضيف: بعدها اتصلت بي جارتي في مكان عملي يوم الثلاثاء الماضي، وأخبرتني أن هناك من يسأل علي ويدعي بأنني سآخذ شقة جديدة، لم أتمالك نفسي من السعادة، وذهبت إلي منزلي فوجدت رجلين أمام المنزل أخبراني بأنني سأحصل علي شقة واصطحباني إلي سيارة ميكروباص، يقف أمامها ضابط شرطة، طلب مني بطاقتي الشخصية.
وحينما سألته أقسم بالله أننا متجهون إلي مجمع التحرير لتسلم عقود الشقق الجديدة، وعندما اقتربت من السيارة وجدت شباباً ورجالاً من منطقتي في السيارة، فاطمأننت وركبت معهم، لكنني وجدت نفسي في قسم العجوزة وأنه يتم التعامل معنا علي أننا رعاع ولسنا بني آدمين، تركونا لمدة ساعة كاملة في الدور الثاني بالقسم، حاولت معرفة سببت تواجدي ولكن رفضوا الرد علينا، صرخت وقلت لهم بطاقتي معاكم دخلوها علي الكمبيوتر، أنا عمري ما دخلت قسم وليس لدي مشاكل مع أي شخص، ولكن دون جدوي.
وبعد مرور ساعة أخذونا أنا وسيدة مسنة ذات إعاقة في قدميها وخمسة رجال أحدهم شيخ كبير يعاني من مرض الضغط، في سيارة زرقاء كبيرة لا يوجد بها إلا شبابيك صغيرة للتهوية وكأننا «إرهابيون» إلي قسم إمبابة، وأجلسونا في الدور الثاني وعندما دخلت القسم أصبت بحالة انهيار من حالة الضرب والشتائم التي تعرض لها مجموعة من الشباب في سن السابعة عشرة، فتذكرت وقتها ولدي.
توقفت صباحاً لوهلة محاولة استجماع قوتها ومرددة «يرضي مين يا رب واحدة ست تنام علي البلاط وسط خمس رجالة، طب الواحد بعد ما يرجع من الحبس الناس هتقول عليه إيه، الواحد ساكن في منطقة شعبية وكلام الناس مش بينتهي، حسبي الله ونعم الوكيل».
ثم واصلت كلامها وفي الآخر رد علينا أحد الضباط ليخبرنا أن القبض علينا لدواع أمنية لحين انتهاء زيارة جمال مبارك، فقلت «جمال مبارك مين؟ والله العظيم أنا لا أعرف لا جمال مبارك ولا علاء مبارك أنا كل اللي أعرفه الريس بتاعنا مبارك بشوف صوره في التليفزيون».
لم تستطع صباح إكمال حديثها، ليكمله مدحت أحد المقبوض عليهم معها، ويعيش هو وزوجته وأولاده الثلاثة مع أم زوجته وأخيها الصغير في الشقة التي حصلت عليها حماته ضمن الشقق المتطورة.
مؤكداً أن التعامل معهم داخل قسم إمبابة كان غير آدمي، وأن «الجميع يتجاهلنا ولا يرد علينا» إلي جانب الحالات المرضية التي كانت بصحبتهم كالشيخ داوود الذي يعاني من مرض الضغط، وزادت حالته المرضية سوءاً لأنه لم يتعاط دواءه، والحاجة «رسمية» بائعة الفجل والجرجير صاحبة الإعاقة التي سقطت علي سلم القسم..
ويضيف مدحت: وقبل صلاة المغرب بدقائق قليلة لم يقدم لنا أحد كوب الماء لنفطر، وسمحوا لنا بعد معاناة بخروجي مع حراسة من القسم لشراء إفطار وسحور ودواء للشيخ داوود الذي تورمت قدماه من الوقوف داخل القسم.
متابعاً كلامه بسخرية أنه عندما تم إلقاء القبض عليه أخبره أحد الضباط بأنه سيقابل مسؤولاً كبيراً، سيحدد له الكلام والموضوعات التي سيتحدث فيها مع جمال مبارك عندما يسلمه عقد الشقة