رغم مرور أكثر من ٣ أشهر على إعلان نتائج
الانتخابات البرلمانية العراقية، التى جرت فى ٧ مارس الماضى، لم تزل
المداولات الجارية منذ ذلك الحين تراوح مكانها دون أن تفضى إلى تشكيل واضح
للحكومة المنتظرة، بسبب التنافس على رئاسة الحكومة، والدور الدولى
والإقليمى، إذ يسعى العديد من الدول إلى تنصيب حكومة أقرب لتوجهاتها
ومصالحها.وقد تراجع الاهتمام الإعلامى خارج العراق بمحاولات تشكيل
الحكومة التى أخذت أكثر من وقتها الطبيعى، فى حين احتدمت آراء المحللين
والسياسيين أنفسهم بالداخل حول الدورين الإقليمى والدولى المعطل لعملية
التشكيل، فمنهم من يعتبر أن هناك جانبا إيجابيا فى ضلوع قوى خارجية فى
تحديد الحكومة المقبلة ولو بشكل غير مباشر قائم على المصلحة الاقتصادية،
ومنهم من يدعو الكيانات السياسية العراقية إلى اتخاذ قرار سياسى موحد
للخروج من هذا المأزق، يستند إلى الشعور الحقيقى بـ«المواطنة» قبل أى
انتماءات أخرى عرقية كانت أو مذهبية.وأكد الدكتور مهند حسام الدين،
المحلل السياسى العراقى، أثناء حديثه لـ«المصرى اليوم»، أن التغلغل
الإيرانى فى الملف العراقى له تأثير كبير، خاصة أن لديه الكثير من الأدوات
التى تعمل بصناعة القرار السياسى فى العراق.وأضاف : «أما التوغل
الأمريكى فبدأ عسكريا قبل أن يفسح المجال للمنظومات الاستخباراتية لدخول
العراق والعمل على أرضه خلال السنوات الـ٧ الماضية». أما الدور العربى فقد
اعتبره حسام «سلبيا»، وقال: «حتى اليوم لم نشهد أى مواقف جادة تصنع مظلة
عربية قادرة على لم شمل أطياف الشأن العراقى».فى المقابل، رأى حسام
الدين أن التدخل التركى، الذى أصبح واضحا منذ ٣ سنوات، يمكن وصفه بـ«الوسطى
ما بين الكتل السياسية، عكس موقفها وتأثيرها فى ملف قضية الشرق الأوسط»،
على حد قوله، مدللا على ذلك بأن «تركيا استطاعت أن تضع أطرا معتدلة بين
السياسيين العراقيين بعد الانتخابات». إلا أنه أكد أن العراقيين لا يعولون
على أىٍ من هذه التدخلات «ولا نأمل خيرا منها على اعتبار أن كلاً منهم يذهب
باتجاه مصالحه الخاصة».من جانبه، قال حميد المعلة، القيادى فى
الائتلاف الوطنى، لـ«المصرى اليوم» إنه لاشك أن العواصم الإقليمية
والعالمية لها تأثير معروف فى الشأن العراقى، وفى اتجاه تشكيل الحكومة.
وأضاف أن القوى السياسية سعت إلى أن تتناغم حركتها مع محيطها الإقليمى، من
أجل إيجاد تفاهمات إيجابية تسهم فى مواجهة الوضع. وقال: «لا بأس إذن من أخذ
ما هو إيجابى فى هذه التأثيرات الإقليمية، التى يمكن أن تكون عوامل مساعدة
فى تشكيل الحكومة والخروج من عنق الزجاجة».على النقيض، نفى الدكتور
هانى عاشور، مستشار القائمة العراقية التى يتزعمها إياد علاوى، وجود أى
دور إقليمى فى تشكيل الحكومة، وقال لـ«المصرى اليوم» إنه ليس هناك أى دور
لا عربى ولا أجنبى، «إنما هناك استطلاع للرأى لما ستؤول إليه الحكومة
المقبلة، لأسباب أهمها أن الاحتلال الأمريكى سينسحب من العراق، ولابد أن
تعرف الدول الأخرى مستوى وحجم حكومة ما بعد الانسحاب وقدرتها على ضمان
استقرار العراق». وأوضح عاشور أن العراق مرتبط بأجواء إقليمية،
إضافةً إلى أن هناك تشابكا اقتصاديا بين العراق ودول العالم، وهو ما يتطلب
معرفة الحكومة المقبلة، «أما مسألة تدخل دولى لفرض إرادة خارجية فهذا الأمر
بعيد.. هناك أحزاب تستطلع دائما آراء الخارج لمعرفة مدى تقبلها لوضع
العراق المستقبلى، وهذا ما تُتهم به القائمة العراقية بأنها تريد تدويل
قضية تشكيل الحكومة».كانت المحكمة الاتحادية فى العراق قد وضعت
عائقا أمام تشكيل الحكومة من خلال تفسيرها نص المادة ٧٦ من الدستور العراقى
حول أى الكتل لها الحق فى تشكيل الحكومة، وما إذا كانت هى الكتلة الفائزة
بالانتخابات أم الكتلة الأكبر التى تتشكل داخل البرلمان، وهو التنافس
القائم بين كتلة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نورى المالكى، وكتلة علاوى
المتمثلة فى القائمة العراقية.